تعتبر المحظرة الشنقيطية الكبرى مشروعا حضاريا علميا رائدا يمثل معلمة ثقافية ودينية تعكس مستوى التعاون الرفيع بين بلادنا ودولة الإمارات العربية المتحدة الراعي السخي لهذا الصرح المعرفي الذي ينبض بالمعاني السامية للمحبة والتآخي لما يحمله من روافد الوسطية وما يسديه من معاني الوحدة والمحافظة على الهوية في مختلف تجلياتها الوطنية والعربية والإسلامية.
ولتسليط الضوء على هذه المؤسسة أجرى مكتب الوكالة الموريتانية للأنباء لقاء مع الدكتور محمد تقي الله ولد الطالب جدو، مدير المحظرة حول طريقة التسجيل فيها ونوعية البرامج وآليات التدريس وظروف الطلبة داخل هذا المجمع الإسلامي.
وفي هذا السياق، أكد مدير المؤسسة أن هذا الصرح تم إنشاؤه بموجب المرسوم رقم 099/2019الصادر بتاريخ 22 مايو 2019، وذلك بغية تحقيق عدة أهداف أساسية منها تمكين المحظرة الموريتانية من المحافظة على مكانتها الأصلية وترقيتها وفق متطلبات العصر ومسايرة الأحداث، بالإضافة إلى السعي إلى النهوض بمهمة العلماء وتكوينهم وتأهيلهم خاصة في علوم الشريعة واللغة العربية مع جعل مؤسسة المحظرة الشنقيطية الكبرى وسيلة ناجعة للمحافظة على الثوابت الدينية الوطنية السائدة منذ القدم في فضاء بلاد شنقيط وفضاء تكرور، فضلا عن استعادة مكانة العالم الموريتاني وصورته الناصعة التي أشتهر بها في الداخل وكان بها سفيرا في الخارج، والعمل على جعل الطلاب بعد التخرج علماء ربانيين مؤهلين للإبداع والاندماج في الحياة النشطة قادرين على أداء الدور المنوط بهم.
وأوضح أن من يمعن النظر في هذه الأهداف يدرك بأن مؤسسة المحظرة الشنقيطية الكبرى هي مؤسسة حضارية تضاهي معالم حضارية وعلمية بارزة في العالم العربي كجامعة القرويين في المغرب والزيتونة في تونس والأزهر بمصر، مبينا أن المؤسسة تشترط على الراغبين في التسجيل فيها عدة اشتراطات منها أن يكون الطالب حافظا للقرآن الكريم مجازا فيه وحاصلا على شهادة الباكالوريا وناجحا في المسابقة المتخصصة المنظمة للدخول.
وأضاف أن الأساتذة تم انتقاؤهم من خلال مسابقة مفتوحة أمام الراغبين من ذوي الاختصاص في مختلف المواد الداخلة في صميم المنهج، مشيرا إلى أن هذه المواد ترتكز أساسا حول القرآن وعلومه والحديث وعلومه والسيرة النبوية والتاريخ الإسلامي والعقيدة وعلم الكلام وأصول الفقه والقواعد الفقهية والفقه المالكي والفقه المقارن والنحو والصرف والأدب والبلاغة، بالإضافة إلى دروس في المعلوماتية واللغة الفرنسية والانكليزية.
وأوضح أن مؤسسته قد عقدت تعاونا مع عشرة أساتذة واستقبلت مائتي(٢٠٠) طالب في مسابقات علنية شفافة، مضيفا أنه بفضل التعاون بين بلادنا ودولة الإمارات العربية المتحدة تم تشييد مبنى مؤقت انطلقت فيه الدراسة في مستهل السنة الدراسية الجارية2020-2021 في انتظار انجاز المركب الجامعي الكبير الذي اكتملت جميع المخططات والدراسات الفنية المتعلقة به.
وبين أن هذه المؤسسة حظيت بمباني إدارية مقدمة من طرف والي الولاية السيد الحسن صال صيدو، بالإضافة إلى تقديم مبنى للمطعم الجامعي من طرف عمدة اكجوجت وهما في وسط المدينة، مشيرا إلى أن الطلاب يتم نقلهم في باصات مخصصة لهم.
وأضاف أن الحاجة ماسة أكثر من أي وقت مضى إلى الوعي التام بما يتهدد كيان الأمة الإسلامية وخاصة في منطقة الساحل والصحراء من خطر مرتبط بظاهرة التطرف العنيف الذي ينسب خطأ إلى الاسلام وهو منه براء، مبينا أن رؤية المحظرة تحصن المجتمع بالنهج الإسلامي المعتدل الصحيح، وذلك تجسيدا لتعهدات فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني.
وأوضح أن اسم المحظرة قد ارتبط بشنقيط وذلك عائد إلى إبداع الشناقطة الأوائل في هذا المجال وتعدد المحاظر الشنقيطية وشمولية تخصصاتها وتنوعها وسهولة مواءمتها مع الظروف البدوية التي تستدعي عدم التقري في أغلب الأحيان، حيث يقول العلامة المختار ولد بون:
قد اتخذنا ظهور العيس مدرسة بها نبين دين الله تبيانا.
إعداد: محمد ولد إسماعيل