مشروع ربط ولاته ببحيرة الظهر: حلم يتحطم على صخرة الفساد وسوء التسيير/ د. مولاي اب اكيك

أحد, 13/04/2025 - 14:18

 أزوكي ميديا (نواكشوط)-سنوات كثيرة وأهل ولاته يعانون العطش ويتجرعون الظلم والحرمان جراء إقصائهم من أكبر مشروع مائي يستفيد منه ولايتي الحوضين.
في اليوم الثامن من مارس 2019 وخلال الزيارة التي أداها صاحب الفخامة، السيد محمد ولد الشيخ الغزواني وهو إذ ذاك ما زال مترشحا، للمقاطعة وتعهد، ولم يُخلف، لسكان ولاتة بربطهم ببحيرة الظهر، حينها تنفس الجميع الصعداء وبدأوا يعدون الدقائق والساعات في انتظار انتخاب رئيس الجمهورية وهو ما تحقق، لتبدأ وزيرة المياه في تشكيلة الحكومة الأولى، السيدة: الناها منت مكناس في البحث عن التمويل من أجل إنجاز تعهد رئيس الجمهورية. وهو ما تحقق عن طريق قرض من البنك الإسلامي للتنمية قدره: 1 565 458 720 أوقية قديمة.
بتاريخ 29 أبريل 2021 تم إعلان فتح المناقصة الدولية لربط ولاتة ببحيرة الظهر، ليتم فتح العروض في 15 يونيو 2021 وترسو الصفقة بشكل نهائي على شركة BIS TP المملوكة لرئيس اتحاد أرباب العمل الموريتانيين يوم 28 سبتمبر 2021 على أن يتم التنفيذ في مدة لا تتجاوز 12 شهرا.
في 25 نوفمبر 2021 تم وضع حجر الأساس للأشغال من طرف معالي الوزير الأول السيد: محمد ولد بلال. ورغم استكمال جميع الإجراءات الإدارية إلا أن الاشغال لم تبدأ الا بعد الكثير المماطلة والتسويف وتضييع الوقت.
كان أهل ولاته يعدون الدقائق والساعات وينتظرون بلهف اكتمال الاشغال وتدفق ماء بحيرة الظهر الزلال من حنفيات منازلهم العتيقة وهو ما تم يوم الجمعة الموافق 8 دجمبر 2023م، لينكشف حينها أن ما كنا نشاهد من اختلالات ليس سوى إلا قمة جبل الجليد وأن ما خفي منها أعظم بكثير:
– لم تقم الشركة المنفذة بحفر البئرين المتفق عليهما، بل قامت باستغلال حفرين موجودين في منطقة لفرايس المعروفة بارتفاع نسبة الحديد في مخزونها من المياه؛
– تركيب مضخات صغيرة (6 لتر في الثانية) غير قادرة على توفير حاجة المدينة بالكمية الكافية إلا بتشغيل المولد لأكثر من 9 ساعات يوميا وهو ما يرفضه القائمون على المشروع ترشيدا لاستهلاك الوقود؛
– تركيب أنبوب صغير لا يتجاوز قطره 160 ملم يربط بين خزان لفرايس 1R وخزان اعليب المهراز R2، بدلا من أنبوب قطره 315 ملم كما جاء في دفتر الشروط؛
– عدم احترام المعايير المتعلقة بمستوى عمق الأنابيب بين الخزان R2 (أعليب المهراز) والخزان R3 (الخزان الرئيسي بالمدينة) مما حال دون التدفق الحر للمياه بسبب الميل الطبيعي بين مستوى الخزانين. وهو ما فرض تركيب مضخة عند اعليب المهراز كحل لا يعالج المشكلة من أساسها ويزيد من تكاليف التسيير للمشروع؛
– رداءة التوصيلات المنزلية..
يبدو أن هذه الاختلالات لم تروي عطش مسؤولي وحدة تنسيق مشروع الظهر فعمدوا إلى فتح أنبوب لسقي الحيوانات بين الخزانين R2 و 3R شكل نواة لتجمع سكني لم يكن موجودا.
هذه الاختلالات والتجاوزات جعلت المشروع منذ اليوم الأول على تدشينه من قبل فخامة رئيس الجمهورية غير قادر على تزويد أحياء المدينة بالماء لأكثر من عشرين (20) دقيقة خلال كل 48 ساعة في أحسن الأوقات.
اليوم يشهد مشروع ربط ولاته ببحيرة الظهر موجة أخرى من الفساد والفوضى العارمة تنضاف لما سبق ذكره، ولسان حال المشرفين على الخزانات الثلاثة (أبطال هذه الموجة) يقول بأنهم لن يتركوا نصيبهم من غنائم مشروع ولاته الذي تفرق دمه بين شركة BIS TP ووحدة تنفيذ مشروع الظهر ومكتب CIRA/SGEI للمراقبة. ليأتي الدور لهم وينهبوا من المازوت ما شاءوا ويبيعوا الماء لمن أرادوا.
تواتر سكان المنطقة على أن السيدان المشرفان على محطة لفرايس (حيث البئر المصدر، المولد الرئيسي …) قاما بإتلاف النظام شبه الآلي لتزويد المولد بالوقود وتشغيل المضخة. كان هذا النظام يحول دون اختلاس الوقود من الصهريج، وعند تعطيله أصبح الوقود يجلب من الخزان بالسطل كما يسحب الدلو الماء من البئر وأصبح مصدر لتزويد بعض سيارات المنطقة بالوقود المخصص لتشغيل المولد. نقل البعض عن أن أحد هذين المشرفين برر فعلته الشنيعة هذه بأنه لا يتلقى راتبا وبالتالي فإن ما يقوم به ليس إلا مقابلٌ لما يقوم به من خدمات، هي الفوضى إذن!!!
بالإضافة لما سبق، يعرف مسار الأنابيب ضغطا من خلال النقاط المستحدثة لم تكن في مخطط المشروع الأصلي ويستغلها أهل الريف لسقاية حيواناتهم. جدير بالذكر أن القائمين على هذه الفتحات لم ينسوا نصيبهم من الفساد والفوضى.
إن هذا المشروع الذي ظل حلما للساكنة وحرص فخامة رئيس الجمهورية السيد: محمد ولد الشيخ الغزواني على تجسيده على أرض الواقع تكالبت عليه سواعد ثلة من المفسدين (شركة BIS TP، وحدة تنفيذ مشروع الظهر ومكتب المراقبة CIRA/SGEI) ليرى النور وهو معتل مليء بالتشوهات والاختلالات البنيوية. تم تسليم المشروع على علاته للشركة الوطنية للماء المسؤولة عن الاستغلال والتسيير ولم تكن بأفضل من سابقاتها، ففوضى التسيير اليوم منتشرة في كل مكان: سوء تسيير الآلات والمعدات، بيع الوقود المخصص للمولد لأصحاب السيارات، بيع الماء عند الخزانات الثلاث… كل ينهب على شاكلته والمشروع الحلم أضحى شاة بفيفاء لك ولأخيك وللذئب!!!
إن سكان ولاته يلتمسون من الحكومة الموقرة تشكيل لجنة فنية لدراسة هذه الاختلالات وتصحيحها في أقرب وقت قبل حلول الصيف، كما يطالبون السلطات بمعاقبة كل من ساهم في إفساد هذا المشروع وتلاعب بمصالح المواطنين.