لا ينقضي عجبي ممن يتطلعون إلى منصب “وزير” أو يتمنونه لأحبابهم وإخوتهم وكأنهم يرون فيه ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة!
الوزير أيها السادة -من وجهتي نظري- ليس الشخص المحظوظ الذي تتوهمون.. بل هو موظف “مبتلى” بكل ما في الكلمة من معنى، وعلى أكثر من صعيد..
إن كان نظيفا، مستقيما، متعففا عن المال العام، مستشعرا ثقل الأمانة التي طُوقت بها رقبته، صادق النية في أدائها على الوجه الأكمل، فقد ودع حياة الدعة وراحة البال وأصبح مجبرا على التفرغ لخوض معركة الإصلاح التي لم تكن سوحها يوما مفروشة بالورود!! وسيظل هاجس التقصير في أداء الأمانة -مهما بذل من جهد- والوجل من لقاء ربه مفرطا فيها، منغصا لكل حظوة معنوية قد يتوهمها في هذا المنصب لحظة صفاء خادع ..
وأما إن كان من أهل “افْتيح الراص” وقلة “النفشه” والاندماج في “السيستيم” وما يقتضيه ذلك من “تفاهمات” خلف الأبواب الموصدة.. فعليه وعلى قطاعه وعلى وطنه السلام! وإن كان من حكمة الله خلقه أن مثله من المفرطين لن يموت -غالبا- قبل أن يرى فسادا في “أهله”(بالمعنى الفقهي ) وضياعا لأولاده، وداء عضالا في جسده يمحق بقية ما جمع أيام “افتيح الراص” ..
ومعاليه في كلتا الحالتين محروم من حريته الشخصية.. مستهلك لكامل وقته وطاقته في منصب يفرض عليه أن يكون أول من يدخل مقر العمل وآخر من يغادره..
مستباح العرض من كل هاب وداب من مرضى النفوس، حتى وإن كان لا يعرف عنه أكثر من كونه وزيرا!
معرض للعتب من كل ذي حاجة حتى ولو كانت غير منصفة، باعتباره خازن بيت مال وجاه ونفوذ.. وليس مجرد موظف عمومي لا يملك إلا راتبه وعلاواته التي بالكاد تغطي احياجاته كوزير، واحتياجات عائلته.
وأخيرا ، إن كان من حسنة لهذا المنصب صدقا فهي إتاحة الفرصة لصاحبه كي يسهم في خدمة بلده بما خُوِّل من صلاحيات ونفوذ.. لكن هذه الحسنة الوحيدة بدورها تكاد تنقلب إلى ضدها إن ضيع “معاليه” الفرصة، أو استغلها في نقيض الهدف من إتاحتها له في الأصل!
مقلاها منت الليلي