شكلت الانتخابات الرئاسية الأخيرة، وما سبقها من تنافس محموم بين ستة من المترشحين لمنصب رئيس الجمهورية، إضافة جديدة وحلقة أخرى أكثر تميزا في المسلسل الديمقراطي الذي تعرفه بلادنا منذ إقرار التعددية عام 1991،
لقد قدم هؤلاء المترشحون برامجهم ورؤاهم وتصوراتهم للناخب الموريتاني في ظروف متساوية، ولم يسجل أي حادث يعكر صفو العرس الانتخابي الوطني الفريد خلال خمسة عشر يوما من تنافس البرامج والخطابات والرؤى على امتداد التراب الوطني.
لقد بلغ شعبنا مرحلة متقدمة من الوعي والنضج جعلته يدرك أن اللعبة الديمقراطية هي تنافس بين البرامج والتصورات لما يجب أن تكون عليه الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية التنموية لبلدنا، وما تتطلبه المرحلة من ترتيب للأولويات وفق الاحتياجات الأساسية للشعب وللوطن، وبالتالي فإن الفائز فيها هو من يحظى برنامجه وخطابه بتزكية غالبية الناخبين..
غير أن الفائز الحقيقي في هذا الاستحقاق الكبير هو الشعب الموريتاني وكل المتنافسين والتجربة الديمقراطية الموريتانية الرائدة في المحيطين العربي والإفريقي بل وفي العالم كله، لما يجسده هذا الحدث من تناوب سلمي فريد على السلطة في شبه المنطقة.
إن أعيننا، كمواطنين، تشرئب، بدءا من اليوم، لما سيتحقق من مكاسب وانجازات جديدة، تلبي تطلعات الشعب الموريتاني في مختلف مجالات التنمية الشاملة ورفاهية المواطن أينما كان على امتداد خريطة الوطن، وذلك انطلاقا من البرنامج الواقعي الطموح للرئيس المنتخب السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، الذي وعد بالعدالة الاجتماعية والمساواة في الفرص وبالتشغيل والرفاه والتنمية والبناء في مختلف المجالات، وهي التزامات ووعود ستتحقق بحول الله بفضل رجاحة عقل الرجل و وفائه بالتزاماته وتعهداته ألم يقل: "وللعهد عندي معناه"..
وستشهد بلادنا، بحول الله، نهضة شاملة غير مسبوقة في كافة المجالات وذلك بإسهام ايجابي فاعل من كافة أبناء الشعب الموريتاني.
ولا شك أن الرجل سيكون رئيسا لكل الموريتانيين يهمه ما يهمهم ويشغله ما يشغلهم، لذلك فإنه سيضع ضمن أولوياته إشراك الجميع في عملية البناء والتنمية كل من موقعه.
إن موريتانيا، بثرواتها المتنوعة وإمكاناتها الهائلة وإرادة البناء لدى قادتها، ستظل الحضن الدافئ لكل أبنائها مهما كانت مواقعهم خلال الاستحقاقات المنصرمة، ذلك أن الرئيس المنتخب ليس رئيسا فقط لمن انتخبوه وإنما لجميع الموريتانيين، تماما مثلما أن ثروات البلاد المتنوعة هي لجميع الموريتانيين، وهو ما يجعلنا نتفاءل بغد أكثر إشراقا مع نظام وطني يعد بالعدالة والتنمية والازدهار في عهد جديد يواصل مسيرة البناء ويعتمد على جميع الموريتانيين في مرحلة جديدة تتسم بالتوافق والانسجام والعمل الجماعي الذي يشرك كافة الموريتانيين موالاة ومعارضة في الفعل الإيجابي في العملية التنموية المنشودة.
إن تلك الأحداث المعزولة التي شهدتها العاصمتان نواكشوط ونواذيبو، عقب إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية، لا تعكس السلوك الوطني السوي للمواطن الموريتاني، وإنما تمثل إرادة آخرين لا يروق لهم رؤية موريتانيا تتألق وتنمو وتزدهر.
وكما كان متوقعا في مثل هذه الحالات، فإن التعامل مع تلك الأحداث والضالعين فيها تم بمنتهى الحكمة والروية وضبط النفس والحزم والصرامة في آن واحد من طرف الأجهزة المختصة، حيث جرى احتواء تلك الأحداث وتوقيف كافة المسؤولين عنها في جو من الهدوء والسكينة والسلام ووفق قوانين الجمهورية، وهو ما يجعلنا نرفع القبعة تحية وإجلالا لكل أولئك الذين سهروا ويسهرون على حماية الوطن والمواطن وتوفير جو من الأمن والسكينة يليق بطيبة ونبل وكرم وشهامة الموريتانيين جميعا.
ومما لا شك فيه أننا بحاجة ماسة إلى أن يدرك كافة الفرقاء السياسيين أن الحدث الانتخابي قد اكتمل بانتخاب رئيس جديد للجمهورية، وهم مطالبون، من باب النزاهة، بتهنئة الرئيس المنتخب والاعتراف بإرادة غالبية الشعب، ومباشرة الإسهام الإيجابي في دعم الجهود التنموية التي تتطلع إلى موريتانيا جديدة تشكل مفخرة حقيقية لكل أبنائها.
أحمد مولاي امحمد، كاتب صحفي