الطفل الشهيد : مقال يبكي (لأنك ليست ابن الرئيس )كتبت أم الشهيد

جمعة, 27/12/2019 - 13:48

بني لأنك لست إبن رئيس!…
وقفت طويلا بانتظار صغيري القادم من أنواكشوط لم أكن من فرط شوقي له أستطيع الانتظار في البيت …
كنت كأي أم أتحرق شوقا لاحتضان الجسد الصغير الذي كانت كلماته العذبة تخترق جدار صبري وهو يخبرني أنه بالطريق..قادم إلي..
طال انتظاري وأنا أراقب القلق والخوف على وجوه من حولي دون أن أفكر حتى أو أسمح لنفسي بالتفكير في إمكانية تأخر الباص لأسباب كهذه…..
لكن هيهات….
ينادي أحدهم بصوت متقطع تعرض الباص لحادث سير!
تساءلت كيف حدث ذلك؟
وهرعت إلى هاتفي ونبضات قلبي تسابقني وأنا أحاول الإتصال بصغيري الداه كي أطمئن…
الهاتف لم يعد يرن…هناك حديث عن وفيات وحالات إصابة واضطراب وقلق ودموع….وأشياء فوق الروع والألم 
أمسك بخيط الرجاء في سحائب الخوف وهم يرددون:
الصغير الداه حي ….الصغير لم يمت …
وفرضية أخرى تطرح امكانية موته وأنا بين ذا وذاك أموت ألف مرة…..
أضغط على مشاعري ومخاوفي وأستحضرني ألاعب أبني الداه وأراقصه…أستحضر وجهه الملائكي وتخنقني غصة بحجم الكون لمجرد التفكير أن شاحنة كبيرة تفترس جسم صغيري الوحيد الآن….
كانت ساعات أليمة ختمت بما هو أفجع….
الاتصالات تؤكد: وفاة الصغير الداه….
نعم توفي صغيري وأمسى فؤادي فارغا…
توفي صغيري في دولة أستنفرت يوما كل طاقاتها لأن ابن الرئيس تعرض لحادث رحمه الله…
نقلوه في طائرة على وجه السرعة….لم ينتظروا رافعات تازيازت ولا السيارات القادمة من أنواكشوط تسابق الزمن كي تنقذ أرواح تصرخ وستجدي تحت ركام الحديد…
تماما كما سارعت الدولة لإنقاذ ولد بايه يوما على وجه السرعة أيضا لأن له قرابة بالرئيس…
حتى الصغير الذي تمنيت أن أراه رجلا كبيرا أحمل صغاره في أحضاني حرمت منه في مهده لأنه ليس ابن رئيس ولا وزير هو فقط مواطن عادي…
حتى صراخه وهو يتشظى تحت الشاحنة لم يشفع له ولا لي كي أضمه ولو للمرة الأخيرة ….
مضى الداه وبقيت دميته شاهدة على ألم كبير وجرح لا يندمل ولا يتقادم….
لم يبقى من إبني كله إلا دمية….
دمية فقط ملطخة بدمائه وحسرتي و أشياء لا يدركها الوصف ولا التعبير…
شكر الله للدولة بكل أجهزتها وبعد انتهاء كل شيء ومكوث القتلى لساعات تحت الشاحنة أبلغنا الوزير أن الرئيس سيتكفل بعلاج الجرحى…لكن:
إبني ليس جريح إبني قتيل….تصور لو أنه جريح فقط هل كنت سأنتظر حتى تتكفل بعلاجه؟….
يكفي أنه توفي وهو يصرخ طلبا لرافعة وإسعاف فقط .
أحتفظ بعلاجك لجرحى القصر والدولة..
والمواطنون لهم الله. 
#أم_الشهيد_الداه