السبيل نواكشوط... اختار الوزير سيدي ولد سالم، أن يرسل إلى رئيس الحركة الانعتاقية “إيرا”، بيرام ولد الداه اعبيد رسالة غير مشفرة يظهر له ما أنعم الله به على هذا البلد من الحرية، مقارنة بالدول المجاورة وبدول أخرى، أمثلة تستحق التأمل.
أراد ولد سالم، أن يبدأ رسالته التي يتحدث بها إلى بيرام، انطلاقا من دول المغربي العربي، الذي كشف فيها عن أشياء مهمة بخصوص السود في تلك الدول، لعل زعيم الحركة الانعتاقية لم يكن مطلعا عليها، نتيجة لارتمائه في أحضان الدول الأوربية والآسيوية.
أثناء الحديث الذي أدلى به، ولد سالم أمام جماهير عريضة من حزب الاتحاد من أجل الجمهورية، قائلا: ثمت أمور لا بد أن نطلعكم عليها، وسأنطلق بكم من الدول العربية، لأعطيكم أمثلة حية لعلكم لم تظهروا عليها من قبل.
بدأ معالي الوزير مقارنة كانت مقنعة بكل المقاييس، انطلاقا من المملكة المغربية الشقيقة، يقول الوزير: هل سبق وأن رأيتم فيها يعني المغرب وزيرا أسود أو رئيس وزراء أسود أو رئيس برلمان أسود، هذه حقائق لا يمكن أن ينكرها إلا مكابر.
عرج في حديثه إلى الجزائر فقال توجد بها شريحة سوداء وتونس كذلك توجد بها شريحة مماثلة، ولا تمثيل بتلك الدول لهذه الشريحة في الوظائف، لا سيمى الوظائف الكبار كمناصب الهرم السلطوي، التي تتولى صنع القرار، رغم أنهم لا توجد بهم عبودية، لكن لا تمثيل بدرجة ما يوجد عند نا في هذه البلاد، التي نعيش بها.
تطرق الوزير في كلامه إلى ضرب مثال حي بالولايات المتحدة الآمريكية، مستثنيا الرئيس السابق “باراك أوباما”، وقال إن أكثر من نصف السودان الآمريكيين يقبعون في السجون، بسبب النضال من أجل الحرية.
أقول لكم بأن النضال من أجل القضاء على العبودية ومخلفاتها، نضال شريف وكل احد واجب عليه، لأن في مهد الإسلام، أبوبكر الصديق رضي الله عنه،كان يشتري العبيد من أجل تحريرهم، وعمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه، كان يقول (متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا).
ولما نزلت الآية الكريمة، [يأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم} صدق الله العظيم، تعرفون جميعا أن عمر، قال بعد نزول هذه الآية، كلمته المشهورة، “ضاع النسب”.
إذا من هذا المنطلق يتضح أننا لا ننتظر من أي دولة أن تقول لنا شيئا بخصوص حرمة العبودية، أو أنها غير إنسانية، فنحن نعرف كل شيء بخصوصها، انطلاقا من ديننا الحنيف.
نحيط الجميع علما بأن النضال ضد العبودية أمر جيد، لكنه لا يعني الفوضى ولا يعني أن تقول الكلام السيء ولا بذيء لإخوتك، ولا أن تحملهم أوزارا من مسئوليات تاريخية قد انتهت، {تلك أمة قد خلت لها مكسبت وعليها ما اكتسبت}.
أقول أن المجتمع عليه أن يلتحم ويتآخى أكثر من أي وقت مضى، أعيد بكم الذاكرة إلى أن النضال عن العبودية لم يكن جديدا، سبق أن ناضل عنها كثير من الناس.
أبرز لكم أن أول حركة وجدت على أديم هذه الأرض، حركة الكادحين، فقد ناضلت عن العبودية أشد نضال، وينبغي الإشادة بما قدموا ونكرانه ليس من المروءة، وفي هذا المنحى سأستشهد بأبيات للأستاذ، محمد ولد أشدو.
وأي شيء يثير للنكران مثل ملك الإنسان للإنسان
كائنان تكونا من سواء ثم جاءا إلى الوجود سيان
لا شك أنكم تعلمون أن الأستاذ محمدن ولد أشدو، ليس من شريحة للحراطين، وليس عبدا ولا يزال إلى حد اللحظة حيا يرزق لله الحمد وله المنة.
نستنتج من هذا الأمر أن المسيرة النضالية لجميع الإخوة، الذين كانوا ينضالون من أجل الحريات، لا ينبغي أن يكون لها أي طابع عرقي من اللحظة، التي بدأ فيها ما كنا نسميه بأخوك الحرطاني، لم نر أي أبيض ضد أخوك الحرطاني، ولم نسمع عن قبيلة أنها كانت ضد أخوك الحرطاني، ولم نر إمام مسجد ضد أخوك الحرطاني.
أنا كنت من ضمن الشباب الصغار الذين ينتمون إلى أخوك الحرطاني، ومن المآخذ التي أخذت عليهم، أنهم لم يفتحوا الباب أمام شريحة البيظان وشريحة الزنوج، الأمر الذي استأثرت به حتى أخرجني عنوة من تنظيم أخوك الحرطاني.
ثمت أشخاص يرون أن قضية النضال ضد العبودية ومخالفاتها ملك لهم، ويتضح جليا أنهم يتاجرون بها ويخافون على عوائد الأرباح، الأمر عكس ذلك، فكل أحد يستطيع أن يلعب دوره في المهمة، ويبلي بها بلاء حسنا بغض النظر عن شريحته وعن جهته.
أعلن لكم من هذا المنبر أن الشعب الموريتاني، تطور عن هذه القضية فظروفه التاريخية حولت المجتمع من مجتمع بدو، إلى مجتمع آخر يفرض التساوي، وهذه المساواة هي التي يبنيها النظام، وعلينا أن نعززها و نحافظ عليها بسواعدنا وأن لا نترك المجال لأي متربص سواء كان شكله ولونه.
المشروع الحقيقي هو المشروع الوطني الموريتاني بتعدده وأنواعه، علينا أن نبني دولة قوية وميتنة نكون شبابها ونتركها قوية للأجيال القادمة، بكل استقرار وهدوء وقيم وأخلاق.
نلفت انتباه القراء الكرام إلى أن كلام وزير التعليم العالي كان بمناسبة الحملة التشريعية والبلدية 2018 في مهرجان حاشد بمدينة نواذيبو.
يذكر أن الوزير سيدي ولد سالم عرف عنه حبه للوطن و بغضه للعنصرية و ميوله للقضايا الوطنية الجامعة..