أزوكي ميديا( انواكشوط)-قال فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، إن المحاظر الشنقيطية، التي نشأت منذ قرون، وامتد إشعاعها الثقافي والفكري، شمالا وجنوبا، كان ولا يزال، حصنا حصينا في وجه الفتن والغلو والتطرف، ومنبعا فياضا، بمعاني وقيم الاعتدال والتسامح.
وأضاف في خطاب افتتح به أعمال المؤتمر الإفريقي لتعزيز السلم في نسخته الرابعة، اليوم الثلاثاء في قصر المؤتمرات (المرابطون)، أن شعار المؤتمر “التعليم العتيق في إفريقيا: العِلْم والسِّلْم” يستثير في وجدان المجتمع الموريتاني، صدى تاريخ طويل من الازدهار الحضاري، والعطاء العلمي المتميز، متمنيا أن تسهم هذه النسخة في استعادة التعليم العتيق كامل دوره في نشر قيمه السامية.
وفيما يلي نص خطاب فخامة رئيس الجمهورية:
“بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين؛
– صاحب الفخامة وأخي العزيز السيد آداما بارو، رئيس جمهورية غامبيا الشقيقة؛
– السيد الوزير الأول؛
– السيد رئيس المجلس الدستوري؛
– السيد رئيس مؤسسة المعارضة الديمقراطية؛
– السادة الوزراء؛
– سماحة العلامة الشيخ عبد الله بن بيه، رئيس منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة؛
– أصحاب السعادة السفراء، وممثلو البعثات الدبلوماسية؛
– السادة والسيدات ممثلو المنظمات الدولية المعتمدون في بلادنا؛
– أصحاب السماحة العلماء المشاركون في المؤتمر؛
– أيها الحضور الكريم؛
يطيب لي ابتداء، أن أرحب بأخي، صاحب الفخامة، السيد آداما بارو، رئيس جمهورية غامبيا الشقيقة، على أرض بلده الثاني، معبرا له عن سعادتنا باستضافته وعن عظيم تقديرنا، لحضوره هذه النسخة الرابعة من المؤتمر الإفريقي لتعزيز السلم، المنعقدة تحت شعار “التعليم العتيق في إفريقيا: العِلْم والسِّلْم”.
ويسرني كذلك أن أتوجه بالشكر الجزيل، إلى سماحة الشيخ العلامة عبد الله بن بيه، رئيس منتدى أبو ظبي للسلم، الذي سخر غزير علمه، وعميق فهمه، للتحديات المعاصرة، لصالح نشر ثقافة السلام والإخاء والاعتدال.
كما أرحب بأصحاب الفضيلة والسماحة العلماء، والمشايخ والباحثين، وبكافة ضيوفنا الكرام، من وزراء، وشخصيات سياسية وأمنية، ومنظمات دولية، مشيدا بحرصهم على الحضور، ومعولا على إسهاماتهم القيمة في ضمان جودة مخرجات هذه النسخة الرابعة من المؤتمر الإفريقي لتعزيز السلم.
صاحب الفخامة؛
أصحاب المعالي والسماحة؛
أيها السادة والسيدات؛
إن موضوع هذه النسخة الرابعة من مؤتمر تعزيز السلم في إفريقيا وهو: “التعليم العتيق في إفريقيا: العِلْم والسِّلْم” ليستثير في وجدان المجتمع الموريتاني، صدى تاريخ طويل من الازدهار الحضاري، والعطاء العلمي المتميز.
فهنا نشأ، ومنذ قرون، نظام تعليمي عتيق، فريد في خصائصه التنظيمية، وأساليبه المنهجية، جسدته المحاظر الشنقيطية، التي امتد إشعاعها الثقافي والفكري، شمالا وجنوبا؛ وكانت، ولا تزال، حصنا حصينا في وجه الفتن والغلو والتطرف، ومنبعا فياضا، بمعاني وقيم الاعتدال والتسامح.
وإن إدراج منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة، مؤخرا، المحظرة الموريتانية ضمن القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للبشرية، لدليل ناصع، على أهمية التعليم الأصلي، ودوره البارز في تكريس القيم الإنسانية الجامعة، من تسامح واعتدال وأمن وسلام.
فهيآت هذا التعليم في القارة الافريقية، يجمعها، على تنوع مسمياتها وصيغها التنظيمية، بذل العلم للجميع، في إطار من مطلق المساواة، مهما اختلفت الأعراق، وتباينت الهويات الحضارية. كما يجمعها الحرص على مد جسور التلاقي بين المجتمعات، وتعزيز السلم الأهلي، والحرص على اللحمة الاجتماعية، بنشر قيم العدل، والمساواة، والتسامح والإخاء.
ولا يرسخ هذه القيم في النفوس والمجتمعات كمثل التعليم العتيق.
وإدراكا منا للمنزلة الكبرى والمكانة المتفردة للتعليم العتيق الذي تمثله المحظرة صاحبة المنة الحضارية الكبرى على هذه البلاد، حرصنا في الجمهورية الإسلامية الموريتانية، على صون وتعزيز نظامنا المحظري، وتحديثه، ليلائم متطلبات العصر الحديث، مع الحفاظ على نبل ونقاء قيمه وأهدافه.
وهكذا قدمنا كافة أشكال الدعم المادي والمعنوي الممكنة للمحاظر وشيوخها وطلابها، وضاعفنا، عشرات المرات، عدد المحاظر النموذجية التي تُنشِئُها الدولة، حيث ارتفع عددها من 60 إلى 1402 محظرة، كما ازداد على نحو كبير عدد المحاظر المدعومة وتم وضع نظام للمتابعة المنتظمة لمستويات التقدم الدراسي بها.
وجرى العمل كذلك على تعزيز الجسور بين التعليم العتيق والتعليم المعاصر عبر تنويع التكوينات في مركز التكوين المهني لخريجي المحاظر وفي المؤسسات التعليمية الرسمية العليا التي تستقبل خريجي التعليم العتيق، كالمعهد العالي للدراسات والبحوث الإسلامية، وجامعة العلوم الإسلامية بلعيون، والمحظرة الشنقيطية الكبرى بمدينة اكجوجت.
هذا علاوة على إنشاء العديد من الكراسي في مجالات علمية متعددة، من ضمنها كرسي النوازل المعاصرة، أسندت جميعها إلى علماء متمكّنينَ.
وينضاف إلى كل ذلك ما حرصنا عليه من تحفيز التنافس في التحصيل بين طلاب هذه المحاظر من خلال إنشاء جائزة حفظ وفهم المتون المحظرية.
صاحب الفخامة؛
أصحاب المعالي والسماحة؛
أيها السادة والسيدات؛
إن ما يجتاح قارتنا الإفريقية، والعالم عموما، من عنف وإرهاب وحروب مدمرة، تأثرت بمفاعيله السلبية كل دول العالم، وإن بنسب متفاوتة، ليؤكد حاجتنا الماسة، ومسؤوليتنا الجماعية بخصوص ضرورة التخلص نهائيا من العنف والإرهاب والنزاعات العرقية الهدامة، وهو ما يتطلب نشر قيم العدل والتسامح والاعتدال، كما يعمل على ذلك التعليم العتيق.
وإنني إذ أرجو لهذه النسخة الرابعة من المؤتمر الإفريقي لتعزيز السلم، أن تسهم في استعادة التعليم العتيق كامل دوره في نشر هذه القيم السامية، لأعلن على بركة الله افتتاح أعمالها.
أشكركم والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته”.